Site icon السعودية برس

الأسهم الأميركية تتخلى عن مكاسبها وسط مخاوف من تضخم “عنيد”

تخلّت الأسهم الأميركية عن مكاسبها بعد صدور بيانات أظهرت ضعفاً في قطاع الخدمات الأميركي واستمرار ضغوط الأسعار، مما أثار مخاوف جديدة بشأن تحديات السياسة النقدية أمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وتراجعت السندات قصيرة الأجل بشكل أكبر، فيما هبط النفط مع تقارير عن احتمال بحث روسيا وقفاً جوياً لإطلاق النار مع أوكرانيا.

بعد صعود قوي أوصل مؤشر “إس آند بي 500” إلى مشارف أعلى مستوياته التاريخية، فقد الزخم وتراجع في التعاملات. وانخفض مؤشر لأسهم شركات الرقائق الإلكترونية بأكثر من 1%. 

بعد إغلاق ساعات التداول العادية، قدمت شركة “إيه دي إم” (Advanced Micro Devices Inc) توقعات مبيعات أقوى من المتوقع، لكنها حذّرت من أن وصولها إلى السوق الصينية يبقى غير مؤكد. في المقابل، هوت أسهم “سوبر مايكرو كومبيوتر” (Super Micro Computer Inc) بعد نتائج جاءت دون التوقعات.

بدأ أسبوع مزادات الخزانة الأميركية بطرح ضعيف لسندات لأجل ثلاث سنوات بقيمة 58 مليار دولار. ولم يتغير العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات كثيراً ليستقر عند 4.20%، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامين أربع نقاط أساس ليصل إلى 3.72%.

قال كريس سينييك من “وولف ريسرتش” (Wolfe Research): “نتوقع استمرار تقلبات التداول في المراحل المتأخرة من الصيف، خاصة مع بقاء مسار السياسة النقدية غير معروف وحساس جداً للبيانات الاقتصادية القادمة”.

تدهور قطاع الخدمات يضع الفيدرالي أمام اختبار صعب

أظهر قطاع الخدمات الأميركي حالة من الركود مع تقليص الشركات أعداد العاملين نتيجة ضعف الطلب وارتفاع التكاليف. وكشفت بيانات الأسبوع الماضي عن نتائج وظائف أضعف من المتوقع، بينما ارتفع إنفاق المستهلكين المعدّل حسب التضخم بشكل طفيف.

وقال نيل دوتا من “مركز رينيسانس ماكرو للأبحاث” (Renaissance Macro Research): “من الصعب تخيل استمرار ضغوط الأسعار إذا كانت سوق العمل تتباطأ”. وأضاف: “الطلب لن يكون قوياً بما يكفي لامتصاص ارتفاع الأسعار. ولهذا فإن خفضاً وقائياً للفائدة يبدو منطقياً”.

صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، أن وزير الخزانة سكوت بيسنت أبلغه بأنه لا يرغب في أن يُرشّح لتولي رئاسة الاحتياطي الفيدرالي خلفاً لجيروم باول. وأضاف ترمب أن الرسوم الجمركية الأميركية على واردات أشباه الموصلات والأدوية سيُعلن عنها “في غضون أسبوع تقريباً”.

انخفض مؤشر معهد إدارة التوريد لقطاع الخدمات إلى 50.1 نقطة الشهر الماضي، وهو أقل من كل التقديرات في استطلاع “بلومبرغ” لآراء الاقتصاديين. وسجّل مؤشر التوظيف انكماشاً، بينما ارتفع مؤشر الأسعار المدفوعة للمواد والخدمات إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2022.

بالنسبة إلى إيان لينغن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” (BMO Capital Markets)، فإن عنصر التضخم كان الأكثر إثارة للقلق. ومع ذلك، أشار إلى أن تقرير الوظائف لا يزال يمهّد الطريق نحو خفض للفائدة في سبتمبر.

من جهتها، قالت ألكسندرا براون من “كابيتال إيكونوميكس” (Capital Economics): “تسلّط نتائج مسح معهد إدارة التوريد الضوء على التحديات التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر المقبلة، مع تراجع مؤشرات النشاط والتوظيف حتى مع ارتفاع مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أعلى مستوى دوري جديد”.

أما أولريكه هوفمان-بورشاردتي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت” (UBS Global Wealth Management) فقالت إن بيانات سوق العمل الأخيرة ضعيفة بما يكفي لتبرير خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

وأضافت أن السيناريو الأساسي لمؤسستها لا يزال يتوقع استئناف خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر، مع تخفيض إجمالي بمقدار 100 نقطة أساس بحلول أوائل 2026.

بوادر تضخم عنيد ومضاربات على توقيت خفض الفائدة

قال فؤاد رزق زادة من “سيتي إندكس” و”فوركس دوت كوم”: “يواصل المتداولون المضاربة على توقيت خفض الفائدة المقبل من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مع وجود إشارات على تضخم عنيد مقابل مؤشرات اقتصادية ضعيفة”.

وأضاف أن النظرة المستقبلية لمؤشر “إس آند بي 500” قد تبدأ بالتدهور على المدى القريب، مع التحذيرات من تقييمات مرتفعة جداً وسط اقتصاد يضعف. وتابع: “إذا بدأت المخاوف بشأن التقييمات المبالغ فيها تؤثر على بعض الأسماء التقنية الكبيرة، التي كانت مدعومة بنتائج أرباحها الأخيرة، فقد تبدأ المؤشرات الرئيسية بإظهار إشارات هبوطية”.

يرى سكوت روبنر من “سيتاديل سيكيوريتيز” (Citadel Securities)، أن المستثمرين سريعي الحركة سيصلون على الأرجح إلى أقصى تعرض لأسهم الولايات المتحدة بحلول سبتمبر، ما قد يدفعهم إلى بيع الأسهم مع تزايد قابليتها للتعرض لصدمات سلبية في السوق.

تغيير جذري في أداء السوق

في “جيفريز”، قال أندرو غرينباوم إن الاحتياطي الفيدرالي قد يتسبب في تغيير جذري في أداء السوق، بحيث تحقق الشركات الصغيرة أداءً أفضل من شركات التكنولوجيا الكبرى. 

وتشير البيانات منذ عام 1990 إلى أن مؤشر “إس آند بي 500” متساوي الأوزان يتفوق على النسخة المرجّحة بالقيمة السوقية عندما يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة.

في السياق ذاته، رفع استراتيجيو “إتش إس بي سي” (HSBC) مستهدفهم لنهاية العام لمؤشر “إس آند بي 500” من 5,600 إلى 6,400 نقطة، مستندين إلى أرباح قوية للشركات وتراجع في حالة عدم اليقين السياسي.

وكتب الفريق بقيادة نيكول إينوي في مذكرة: “تدفع موجة الذكاء الاصطناعي قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى الأعلى، في حين يغذي تراجع حالة عدم اليقين السياسي (خصوصاً الرسوم الجمركية) بقية السوق”.

وأضافوا: “نثق أكثر في استدامة موجة الذكاء الاصطناعي مقارنة بإمكانية استمرار تراجع الغموض السياسي”.

Exit mobile version