Site icon السعودية برس

إنجاز اقتصادي جديد.. مصر تعزز حضورها التجاري عالميًا بصادرات تتجاوز 45 مليار دولار

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقريره السنوي حول التجارة الخارجية لمصر لعام 2024، كاشفاً عن ملامح الأداء الاقتصادي في واحدة من أكثر السنوات تقلباً على المستوى العالمي.

 وبينما أظهرت الأرقام ارتفاعاً ملحوظاً في قيمة الصادرات المصرية، خصوصاً غير البترولية، برزت في المقابل زيادة في حجم الواردات، ما يعكس صورة مركبة للتوازن التجاري المصري بين الإنجازات والتحديات.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذه المؤشرات تحمل إشارات إيجابية حول صلابة الاقتصاد المصري، لكنها تطرح أيضاً تساؤلات حول كيفية تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل فجوة الواردات في السنوات المقبلة.

نمو ملحوظ في الصادرات المصرية

سجلت الصادرات المصرية ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 6.5% لتبلغ قيمتها 45.3 مليار دولار عام 2024، مقارنة بـ 42.6 مليار دولار في عام 2023. ويأتي هذا النمو مدفوعاً بشكل أساسي بزيادة الصادرات غير البترولية التي قفزت بنسبة 14.4% لتصل إلى 39.9 مليار دولار، بينما تراجعت الصادرات البترولية والكهرباء بنسبة كبيرة بلغت 29.1% لتسجل 5.5 مليار دولار فقط.

هذا التباين يعكس نجاح سياسات الدولة في تنويع قاعدة الصادرات وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، وهو ما ينسجم مع خطط التحول نحو الاقتصاد الإنتاجي.

هيمنة السلع تامة الصنع

أوضح التقرير أن السلع تامة الصنع استحوذت على النصيب الأكبر من الصادرات بنسبة 54.1%، متقدمة على السلع نصف المصنعة التي سجلت 23.2%، ثم المواد الخام بنسبة 11.2%.

ويعتبر خبراء الاقتصاد أن هذا التحول يمثل نقلة نوعية في هيكل الصادرات المصرية، حيث إن تصدير المنتجات ذات القيمة المضافة يعزز تنافسية الاقتصاد، ويزيد من قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

السلع التي قادت النمو

شهدت عدة قطاعات طفرة واضحة في حجم صادراتها خلال 2024:

الذهب والذهب المطلي بالبلاتين ارتفع بنسبة 77.7% ليصل إلى 3.2 مليار دولار.

اللدائن ومصنوعاتها زادت بنسبة 27.3% لتبلغ 2.3 مليار دولار.

الملابس الجاهزة ارتفعت بنسبة 17.2% لتسجل 2.8 مليار دولار.

الحديد ومصنوعاته سجل زيادة طفيفة بلغت 4.4% لتصل إلى 2.3 مليار دولار.

الأسلاك والموصلات الكهربائية ارتفعت بنسبة 23.6% لتسجل 1.4 مليار دولار.

هذه الأرقام تعكس تنوع قاعدة الإنتاج الصناعي المصري، وقدرته على النفاذ إلى أسواق جديدة، خاصة في القطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا المتوسطة والكثافة العمالية مثل الملابس الجاهزة واللدائن.

الشركاء التجاريون الأبرز للصادرات

توزعت الصادرات المصرية جغرافياً بشكل يعكس تنوع الأسواق وتقليل المخاطر:

السعودية جاءت في المرتبة الأولى بنسبة 7.7% من إجمالي الصادرات، بقيمة 3.5 مليار دولار بزيادة 31.1%.

تركيا في المرتبة الثانية بنسبة 7.6%، لكنها سجلت تراجعاً بـ 6% لتصل إلى 3.4 مليار دولار.

الإمارات في المرتبة الثالثة بنسبة 7.2%، بقيمة 3.3 مليار دولار بزيادة لافتة بلغت 47.5%.

إيطاليا جاءت رابعة بنسبة 7.1% بانخفاض طفيف قدره 1.5% لتسجل 3.2 مليار دولار.

وعلى مستوى التكتلات الاقتصادية، تصدرت الدول العربية بنسبة 36.2%، تلتها دول غرب أوروبا بنسبة 25.9%، ثم دول شرق أوروبا بنسبة 18.1%، ما يوضح الوزن الكبير للشركاء الإقليميين والأوروبيين في دعم التجارة المصرية.

الموانئ بوابة الصادرات

بحسب التوزيع النسبي للموانئ، جاء ميناء الإسكندرية في الصدارة بنسبة 31.1% من جملة الصادرات، يليه مطارات القاهرة بنسبة 14.8%، ثم ميناء العاشر من رمضان الجاف بنسبة 10.4%، ودمياط بنسبة 7.9%، والسويس بنسبة 7.5%، وأخيراً الدخيلة بنسبة 5%.
هذا التنوع يعكس تطور البنية التحتية المصرية في مجال النقل والتجارة، ويعزز القدرة على استيعاب النمو المستقبلي في حركة التصدير.

الواردات ترتفع رغم بعض التراجعات

على الجانب الآخر، ارتفعت قيمة الواردات المصرية بنسبة 13.2% لتصل إلى 95.3 مليار دولار عام 2024، مقارنة بـ 84.2 مليار دولار في 2023.

ورغم زيادة الواردات غير البترولية إلى 79.2 مليار دولار بنسبة 9.2%، فإن الزيادة الأكبر كانت في الواردات البترولية التي قفزت بنسبة 38.3% لتسجل 16.1 مليار دولار.

هيكل الواردات… السلع الوسيطة في الصدارة

أظهر التقرير أن السلع الوسيطة، وهي المواد المستخدمة في عمليات الإنتاج، تصدرت قائمة الواردات بنسبة 35.8%، تلتها الوقود بنسبة 17.3%، ثم السلع الاستهلاكية غير المعمرة بنسبة 16%، وأخيراً السلع الاستثمارية بنسبة 14.6%.

ويشير ذلك إلى أن جزءاً كبيراً من الواردات موجه لدعم الصناعة والإنتاج المحلي، وهو أمر يُحسب للاقتصاد لكنه في الوقت نفسه يعكس استمرار الاعتماد على الخارج في توفير مدخلات الإنتاج.

أبرز السلع التي تراجعت وارداتها

رغم الزيادة العامة، شهدت بعض السلع انخفاضاً في وارداتها خلال 2024:

الذرة تراجعت بنسبة 8.5% لتسجل 2.3 مليار دولار.

الأخشاب ومصنوعاتها انخفضت بنسبة 2.4% لتبلغ 1.2 مليار دولار.

البترول الخام شهد تراجعاً حاداً بنسبة 50.5% ليسجل 0.9 مليار دولار فقط.

هذه المؤشرات توحي بتحسن نسبي في الإنتاج المحلي لبعض السلع الاستراتيجية، ما قد يقلل من فاتورة الاستيراد على المدى المتوسط.

الشركاء التجاريون للواردات

تصدرت الصين قائمة الدول المصدرة لمصر بنسبة 16.5%، حيث ارتفعت الواردات منها إلى 15.7 مليار دولار بزيادة 18.7%.
تلتها السعودية بنسبة 8.3% بقيمة 7.9 مليار دولار بزيادة 43.9%، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 8% بقيمة 7.6 مليار دولار بزيادة 48.6%.
أما روسيا فجاءت في المرتبة الرابعة بنسبة 6.4% بقيمة 6.1 مليار دولار بزيادة 21.7%.

وعلى مستوى التكتلات، تصدرت آسيا بنسبة 30.6%، تلتها غرب أوروبا بنسبة 21.5%، ثم شرق أوروبا بنسبة 16.5%.

الموانئ الرئيسية للواردات

لعبت عدة موانئ مصرية دوراً محورياً في حركة الاستيراد خلال العام:

الإسكندرية جاءت في المركز الأول بنسبة 22.1%.

مطار القاهرة الدولي بنسبة 20.8%.

العين السخنة بنسبة 12.3%.

الدخيلة بنسبة 11.7%.

دمياط بنسبة 10.9%.

السويس بنسبة 9.9%.

هذا التنوع يعكس تطور شبكة الموانئ المصرية ومرونتها في التعامل مع حركة الاستيراد المتزايدة.
 

قراءة تحليلية لخبراء الاقتصاد

 علّق الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة طنطا، على هذه المؤشرات مؤكداً أنها تعكس صلابة الاقتصاد المصري وقدرته على التكيف مع الأوضاع العالمية المتقلبة.

نمو ملحوظ في الصادرات

سجلت الصادرات المصرية ارتفاعاً بنسبة 6.5٪ لتصل إلى 45.3 مليار دولار مقارنة بـ42.6 مليار دولار في 2023. ويبرز بشكل خاص النمو الكبير في الصادرات غير البترولية بنسبة 14.4٪، وهو ما اعتبره مقبل نتيجة مباشرة لسياسات الدولة الهادفة إلى تنويع القاعدة التصديرية وتعزيز الصناعات التحويلية.

وأكد أن تصدير السلع تامة الصنع بنسبة تتجاوز 54٪ من إجمالي الصادرات يعد نقلة نوعية، إذ يساهم في رفع القيمة المضافة وتقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام.

أسواق متنوعة… ومخاطر أقل
 

أوضح مقبل أن الأسواق العربية والأوروبية مثلت الوجهة الرئيسية للصادرات المصرية في 2024، الأمر الذي يعكس تنوع الأسواق وتوزيع المخاطر التجارية. وشدد على أن الزيادة الملحوظة في الصادرات إلى الإمارات والسعودية تُعد دليلاً على قوة العلاقات الاقتصادية الإقليمية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

 

قطاعات صناعية تثبت تنافسيتها

شهدت صادرات الذهب، الملابس الجاهزة، واللدائن قفزة واضحة، ما اعتبره مقبل مؤشراً على قدرة الصناعة المصرية على المنافسة في الأسواق الإقليمية والدولية.

وأكد أن هذه الطفرة لا تعزز فقط الإيرادات الدولارية بل تساهم أيضاً في دعم استقرار ميزان المدفوعات.
 

الواردات بين زيادة وتراجع
 

وعلى الجانب الآخر، ارتفعت الواردات بنسبة 13.2٪ لتبلغ 95.3 مليار دولار. وأرجع مقبل ذلك جزئياً إلى زيادة تكلفة الطاقة وبعض السلع الاستراتيجية. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى تراجع واردات الذرة والبترول الخام، وهو ما اعتبره إشارة إيجابية على تحسن الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج في بعض القطاعات.

 يعكس تقرير التجارة الخارجية لمصر لعام 2024 صورة مزدوجة.. نجاح ملموس في تعزيز الصادرات غير البترولية وزيادة تنافسية المنتجات الصناعية، مقابل تحديات متمثلة في ارتفاع فاتورة الواردات.

وبينما يُظهر الاقتصاد المصري مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات العالمية، يبقى الرهان الأكبر على تحقيق التوازن بين الصادرات والواردات، عبر دعم الإنتاج المحلي، وتعزيز القيمة المضافة للسلع، والانفتاح على أسواق جديدة.

إنها أرقام تؤكد أن الاقتصاد المصري يسير في طريق واعد، لكنه لا يزال بحاجة إلى سياسات أكثر جرأة لتقليص الفجوة التجارية وتحقيق النمو المستدام.

Exit mobile version