قالت صحيفة إلباييس الإسبانية إن الصراع في منطقة الساحل يزداد تعقيدا في ضوء مؤشرات واضحة على تحوله إلى جبهة صدام بين روسيا وأوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى تأكيد الاستخبارات الأوكرانية مساعدتها المتمردين الطوارق في نصب كمين لقوات مالية مدعومة بمجموعة فاغنر الروسية نهاية الشهر الماضي، وانتهى بمقتل عشرات الجنود.
وفي تقرير لخوسيه نارانخو بعنوان “الدعم الأوكراني للمتمردين الطوارق في معركتهم ضد فاغنر يعقّد النزاع في الساحل”، ذكّرت إلباييس بتصريح الناطق باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية آندريه يوسوف الذي أكد بعيد الهجوم أن المتمردين الطوارق تلقوا من كييف معلومات ضرورية، بل وعونا يتعدى المعلومات، لنصب كمينهم ضد مقاتلي فاغنر.
وكان “الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (التي تعد فرع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل) تحدثا عن مقتل 84 من أفراد فاغنر و47 جنديا ماليا في الكمين الذي نصب على أطراف تينزاواتين شمالي مالي.
ولم تكشف فاغنر عدد قتلاها، لكنها أقرت بتكبد خسائر جسيمة.
تدريب على المسيّرات
وقالت صحيفة إلباييس إن الدعم الأوكراني أكدته مصادر قريبة من المتمردين الطوارق تحدثت عن تلقي معلومات استخبارية سهّلت رصد تحركات رتل قوات فاغنر، لكنها أشارت أيضا إلى حصولها على تدريب على استخدام مسيّرات خفيفة تستطيع حمل كميات صغيرة من المتفجرات.
ويؤكد الدعم أيضا -حسب الصحيفة- احتفال سفير أوكرانيا لدى السنغال بالهجوم على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو أمر أثار غضب داكار وحتى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
ورغم أن هذا التكتل على خلاف عميق مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فقد أصدر بيانا حذر من أي “تدخل أجنبي في المنطقة يهدد السلام والأمن ويجر المنطقة إلى صراعات جيوسياسية”.
وقطعت مالي والنيجر علاقاتهما بأوكرانيا بعد تصريحات المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية، ثم طالبتا في رسالة مشتركة مع بوركينا فاسو إلى مجلس الأمن قبل 10 أيام بالتدخل لإنهاء “الدعم الأوكراني الرسمي والصريح للإرهاب في أفريقيا، خاصة في الساحل”، وقالت إن هذا الدعم “يخرق سيادتنا.. ويقوي المجموعات الإرهابية”.
وحمّلت أوكرانيا مالي مسؤولية قطع العلاقات دون تقديم أدلة على ضلوع كييف في هجوم تينزاواتين، لكن رغم نفي كييف دعم “الإرهاب الدولي” وغياب مؤشرات على وجود قوات أوكرانية في مالي، فإن تصريح المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية لا يترك مجالا للشك في وجود هذا الإسناد، حسب الصحيفة الإسبانية.
حرب باردة
وتقول “إلباييس” إن الأكيد أن أوكرانيا تبذل جهودا مضنية لمحاصرة النفوذ الروسي المتزايد في أفريقيا، كما تؤشر عليه 4 جولات قادت وزير خارجيتها ديميترو كوليبا إلى دول القارة لـ”تحريرها من روسيا” كما قال.
ومالي ليست أول بلد أفريقي تحاول فيه كييف التصدي لقوات فاغنر وفق الصحيفة التي أشارت إلى قوات أوكرانية خاصة تقاتل في السودان ضد وحدات الدعم السريع المدعومة بالمنظمة الروسية الشهيرة.
ووصم المجلس العسكري الحاكم في مالي مجموعات المعارضة المسلحة بالإرهاب، لكن ذلك لا ينفي وجود أيديولوجيات مختلفة تحرك هذه المجموعات (من جهادية واستقلالية) دون أن يمنعها ذلك من محاربة الجيش المالي وحلفائه من فاغنر في جبهة واحدة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أفريقي قوله “ما زالت أفريقيا تتذكر كيف نقلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي حربهما الباردة إلى القارة لتتجلى في نزاعات في الصومال وأنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرهم”، قبل أن يضيف “حري بأوكرانيا أن تتذكر هذا الأمر إذا أرادت كسب تأييد الأفارقة”.