Site icon السعودية برس

إبراهيم شعبان يكتب: مصالح إسرائيل في سوريا تهدد الأمن العربي

على مدى عامين كاملين، سيطرت الأحداث في غزة والعنف والإبادة الإسرائيلية في القطاع على كل الفضاء الداخلي والخارجي، لوقف هذه المهزلة الإنسانية.

 لكن بالتوازي مع الأزمة في غزة، تجري في سوريا مهزلة أمنية وسياسية أقل ظهورًا، لكنها تحمل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي العربي.

فقد استغلت إسرائيل سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي لتعيد هندسة الوضع السوري وفق مصالحها الاستراتيجية.

 وبعدما أعلن نتنياهو علنًا أن طموحات إسرائيل لا تتوقف عند السيطرة على هضبة الجولان، بل تشمل تأمين مصالح استراتيجية عليا في دمشق، ويُتداول الحديث عن بؤرة استيطانية إسرائيلية في جنوب سوريا، تمتد إلى السويداء، حيث ظهرت بعض التيارات المؤيدة للعدو الصهيوني هناك.

الهندسة الإسرائيلية لسوريا تحمل خطورة بالغة، ونظام الشرع الحالي يبدو راغبًا في الحفاظ على بقائه بأي صفقة، حتى لو كانت على حساب السيادة السورية والأمن القومي العربي، أو لو مع الشيطان نفسه، وهو ما استغله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فأكد في بيان أن المفاوضات مع سوريا مستمرة، مع التأكيد على أن النتائج تعتمد على “ضمان مصالح إسرائيل”، والتي تشمل نزع السلاح في جنوب غربي سوريا وضمان سلامة وأمن الطائفة الدرزية، وفق ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت!

مصادر مطلعة على المحادثات أشارت إلى أن سوريا تُسرع وتيرة المفاوضات تحت ضغط أمريكي.

وفي الوقت الذي زعم فيه وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن بلاده لن تخوض أي مفاوضات مع إسرائيل طالما أنها تحتل أراضيها وتعتدي على شعبها. وأن دمشق تركز حاليًا على الوساطة الأمريكية للعودة لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974. فيما أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المرحلة الأولى هي الاتفاق الأمني، مع احترام سيادة سوريا، مع إمكانية مناقشة المخاوف الإسرائيلية عبر وسطاء.

فيبدو أن ما يردده المسؤولون السوريون أوهام، فالاطماع الإسرائيلية موجودة، والتحركات هناك على الأرض، وتل أبيب تريد باختصار هيمنة كاملة على دمشق، وسيطرة أو اقتطاع جنوب وجنوب غرب سوريا، وسيطرة تامة على الجولان وجبل الشيخ، وخنق لبنان وإلغاء سيادته عن طريق خطوط العبور من سوريا والسيطرة على الحدود السورية اللبنانية والقطع بينها بسياج إسرائيلي، خصوصا وأنه ومنذ الإطاحة ببشار الأسد، شنت إسرائيل ضربات غير مسبوقة على الأصول العسكرية السورية وأرسلت قوات إلى جنوب سوريا، في خطوة اعتبرها الكثيرون محاولة إسرائيلية لاستغلال الفراغ الأمني والسياسي في البلاد.

وفي تطور مثير للجدل، يفضح الأطماع الصهيونية تعثرت جهود التوصل إلى اتفاق أمني بسبب مطلب إسرائيلي بفتح “ممر إنساني” إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، ذات الغالبية الدرزية، والتي شهدت عنفًا دامياً في يوليو الماضي. حيث بررت إسرائيل تدخلاتها العسكرية بحماية الدروز، بينما الجميع يرون أن هذا التبرير ذريعة لانتهاك سيادة دمشق.

والواضح أن إسرائيل تريد ومن خلال هذا الممر تعزيز نفوذها الإقليمي وإبقاء المنطقة في حالة توتر، مستثمرة الجماعات المحلية السورية لتحقيق أهدافها التوسعية، فيما تزايدت المخاوف من تقسيم سوريا، أو على الأقل تحول جنوب سوريا إلى بؤر استيطانية وتواجد صهيوني وحدوث شرخ بين الدروز وباقي المكونات السورية. 

المحزن أن، كل هذا يتم في غياب عربي تام وضبابية إعلامية، فالجامعة العربية لا حس ولا خبر ولا هناك شىء فيها يناقش أو يدرس، عما يدبر لسوريا في العلن وفي الخفاء ولا فضخ لأجندة اسرائيل بغرض تعطيلها بعض الشىء في دمشق.
الخوف أن يكون سقوط نظام بشار الأسد، بمثابة تقديم سوريا على طبق من فضة للصهاينة تحت نظام حكم، الكثيرون يعرفون جذورهم كمتطرفين لكن لا يعرفون توجهاتهم هل هى قومية عربية أم صهيونية أمريكية. 

الأيام القادمة ستكشف الكثير.

Exit mobile version