Site icon السعودية برس

إبراهيم شعبان يكتب: عودة ترامب والملفات المشتعلة بالشرق الأوسط

جاء الفوز الكبير الذي حققه المرشح الجمهوري ترامب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ليشكل مفاجأة في دوائر كثيرة ويكشف زيف استطلاعات متعددة ظلت حتى الساعات الأخيرة، تروج لفوز كامالا هاريس وتقدمها بفارق عدة نقاط عن ترامب.

لكن صناديق الاقتراع الأمريكية كان لها رأي آخر باختيار ترامب وتحقيق نصرًا سياسيًا كبيرا على الديمقراطيين وتجاوز الأصوات المطلوبة لحسم المجمع الانتخابي بكثير.

والحاصل، أن كنت أعتبر فرص هاريس رغم الضجة الإعلامية حولها قليلة للغاية في الفوز بالمنصب، وقلت هذا في مداخلة مع احدى الفضائيات العربية قبيل انطلاق الانتخابات بساعات، وأنه لا يمكن ان نبني احكاما على استطلاعات الرأي، كما كتبت من قبل أن الأمريكان لا يصوتون لإمرأة في منصب الرئيس مهما كانت قدراتها وكامل الاحترام لها، فهم يعرفون جميعهم ثقل المنصب ودور الولايات المتحدة كقوة عظمى، وهذا ربما كان واضحا للغاية أمام هيلاري كلينتون والتي هزمها ترامب في ولايته الأولى.

إضافة الى ذلك، فإن آداء الديمقراطيين الكارثي في الحروب التي اشتعلت في العالم خلال العام الأخير، وبالتحديد الإبادة في غزة وحرب لبنان والفشل الذريع في الظهور بمظهر قوي أو تقديم مقترح جاد أو فرض ضغوط قوية على مختلف الأطراف لوقفها، أظهر ضعفا هائلا لدى بايدن ونائبته كامالا هاريس والتي بدورها افتقدت تقديم أي رؤية أو وعد بإنهاء الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط.

وعلى الجهة الأخرى، فإن ترامب كان واضحا للغاية وأقنع الشعب الأمريكي بحملته، فقد وعد بإنهاء حرب أوكرانيا، وقال انه قادر على انهاء الحروب دون أن يشير صراحة لذلك فيما يخص غزة ولبنان، كما كان واضحا للغاية في رؤيته تجاه المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة ويقدرون بـ11 مليون شخص، وكان واضحا بخصوص الاقتصاد وفرض رسوم حمائية لصالح المنتجات الأمريكية حتى لو أدى ذلك لمعركة كبرى قادمة مع الصين.

ترامب فاز بأصوات الأمريكيين، حتى وان كان هناك تخوفات هائلة ومرعبة من قدومه، بينما خسرت هاريس بضبابية موقفها وضعف إدارة بايدن التي كانت جزءا منها.

وبخصوص الحرب في غزة والنار المشتعلة في لبنان، فلا أحد يستطيع أن يجزم بما سيفعله ترامب، تجاه هذين الملفين. صحيح أن هناك فرحة كبيرة داخل إسرائيل بنجاح ترامب حتى أن 66% من الإسرائيليين عبروا في استطلاع عن فرحتهم بعودته، فيما سمى نتنياهو فوزه بالانتصار الأعظم في الانتخابات الأمريكية، وسبق الجميع الوزير المتطرف بن غفير الذي كتب قبل شهور من انطلاق الانتخابات الأمريكية فليبارك الله ترامب داعيا لفوزه، وهو ما تحقق.

 لكن مع هذا فالاستقبال الإسرائيلي الحافل بترامب، لايدفعنا أيضا للحكم على سياساته المقبلة خصوصا وأنه لم يختار بعد أعضاء إدارته ولم تتضح هوياتهم وتوجهاتهم السياسية.

وقد يقول قائل إن ولايته الأولى قبل الخروج من البيت الأبيض كانت كارثية، بخصوص فلسطين ونقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان وغيرها من قرارات مثيرة، فإن السياسة هى فن المصلحة وإذا كانت هذه القرارات مناسبة له ولإدارته قبل 4 سنوات فإنها لم تعد كذلك اليوم.

لا أقلل من سياسات ترامب ومواقفه الكثيرة المعلنة، لكن علينا الصبر تجاهه خصوصا وأنه رئيس أمريكي سواء اختلفت أو اتفقت معه له رؤية وقرار حاسم في كثير من القضايا، ولا يهمه الاصطدام بالصين أو إغضاب فرنسا أو وروسيا أو حتى الضرب في حلف الناتو، لكن سيحسب له في رأيي إن استطاع إيقاف الحرب واستطاع ايضا تحجيم ايران والمجموعات المسلحة التي لا تخفي ولاءها لها ولا التحرك بأوامرها، فالمنطقة على برميل بارود وتنتظر عود ثقاب، ولا ينفع ولا يصح أن تكون مستباحة لكل من المخططات.

ترامب في مهمة صعبة، والخوف من قدومه كبير لا شك في ذلك، لكن المؤكد أن ولايته ستشهد أحداثا هائلة على مختلف المستويات الدولية وليتذكر الجميع ذلك وفي كافة الملفات.

Exit mobile version