Site icon السعودية برس

أهداف ترمب وبوتين تتباين في قمة ألاسكا

يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قمتهما المرتقبة في ألاسكا برؤى متباينة تماماً حول معايير النجاح، رغم أن كلاً منهما يضع نصب عينيه بالفعل عقد لقاء ثانٍ مستقبلاً.

يرى ترمب أن التوصل إلى أي نوع من وقف إطلاق النار في أوكرانيا يُعد هدفاً أساسياً للمحادثات. أما الزعيم الروسي، فيعتبر أن حصوله على لقاء مباشر مع ترمب على الأراضي الأميركية، من دون تقديم أي تنازلات بشأن الحرب، هو مكسب بحد ذاته.

تبدو هذه هي الرهانات المتباينة بينما يتجه الزعيمان إلى أنكوراج في ألاسكا لعقد أول قمة بينهما منذ 2018 في هلسنكي. ويعكس هذا التباين المخاطر والفرص أمام ترمب، الذي طالما قدّم نفسه على أنه الوحيد القادر على إنهاء الحرب. وعلى الجانب الآخر، لا يملك بوتين حافزاً كبيراً لوقف القتال فيما تواصل قواته تحقيق مكاسب بطيئة في أوكرانيا، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع المجازفة بإثارة غضب رئيس سعى منذ وقت طويل إلى بناء علاقة وطيدة معه.

وهو في طريقه إلى أنكوراج صباح الجمعة، لم يستبعد ترمب أن تحصل أوكرانيا على شكل من أشكال الضمانات الأمنية من الدول الغربية، أو أن تضطر للموافقة على تبادل أراضٍ مع روسيا، لكنه قال إن القرار ليس بيده.

قد يهمك: قمة ترمب وبوتين في ألاسكا.. ساعة الحسم تقترب وهذه أبرز السيناريوهات

أضاف: “عليّ أن أترك لأوكرانيا اتخاذ هذا القرار”، في إشارة إلى فكرة تبادل الأراضي بين البلدين. وتابع: “وأعتقد أنهم سيتخذون القرار المناسب. لكنني لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل لأجمعهم إلى طاولة المفاوضات”.

ماذا يهدف بوتين من قمة ترمب؟ 

من خلال غزو أوكرانيا في 2022، أطلق بوتين أكبر حرب في أوروبا منذ 80 عاماً وأصبح يعاني عزلة نسبية دولياً. وتساعده القمة مع ترمب على إنهاء العزلة التي سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة السبع لفرضها عليه بسبب عدوانه.

تكتسب القمة بُعداً رمزياً أكبر من خلال عقدها في قاعدة عسكرية، هي قاعدة “إلمندورف-ريتشاردسون” المشتركة، على الأراضي الأميركية. وبحسب هذا المعيار، فقد حقق بوتين نصراً بمجرد الحضور.

كما يمثل الاجتماع رفضاً لنهج الرئيس السابق جو بايدن القائم على مبدأ “لا شيء يخص أوكرانيا من دون أوكرانيا”، وهو الشعار الذي ضمن للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دائماً مقعداً على طاولة المفاوضات.

قال ريتشارد هاس، المسؤول رفيع السابق في وزارة الخارجية الأميركية، في مقابلة: “روسيا تريد مواصلة تحقيق أهدافها المتمثلة في إضعاف أوكرانيا بشكل كبير، وتقويض استقلالها وسيادتها في الأساس. لذا فإن روسيا لا ترى في المفاوضات بديلاً عن ذلك، بل وسيلة لتحقيقه”.

قمة ثانية بين ترمب وبوتين؟

تفسر هذه المخاطر بالنسبة لترمب استراتيجية البيت الأبيض القائمة على خفض سقف التوقعات من الاجتماع. ووصف ترمب القمة بأنها “اجتماع استكشافي”، وهو ما كررته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت التي قالت إن القمة “تمرين استماع بالنسبة للرئيس”.

ترمب يتطلع بالفعل إلى قمة ثانية محتملة قد تضم زيلينسكي، وربما قادة أوروبيين، ويتوقع أن تكون “أكثر إنتاجية من الأولى”. ومن جهتها، وجّهت موسكو، استباقاً لهذه الخطوة، دعوة إلى ترمب لزيارة روسيا لاحقاً.

يختلف ذلك كثيراً عن تصريحات ترمب خلال الحملة الانتخابية التي زعم فيها أنه قادر على إنهاء الحرب في غضون يوم واحد من توليه المنصب. وفي مايو، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إنه من “الواضح تماماً” أن أي إنجاز يمكن تحقيقه فقط بمشاركة ترمب وبوتين.

السيناريوهات المتوقعة لقمة ألاسكا

تتيح الصياغة الجديدة لترمب مساحة للمناورة أثناء الاجتماع نفسه، وفقاً لأشخاص مطلعين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لبحثهم مسائل خاصة. وسيتيح له ذلك اتخاذ قرارات لحظية، بالاعتماد على حدسه، بما يتماشى مع تفضيله للدبلوماسية الشخصية على المداولات البيروقراطية التقليدية.

في أحد السيناريوهات المتفائلة، قد يغادر الزعيمان ألاسكا باتفاق على وقف القتال، ولو مؤقتاً أو جزئياً، مثلاً عبر تعليق الهجمات الجوية الروسية. وقد يدعم ترمب مقترح بوتين بالاستحواذ على الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها قواته. كما قد يخرجان بلا أي اتفاق، وهو أمر كان ترمب مستعداً لقبوله حين انسحب من محادثات مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عام 2019.

أما بوتين، فيسعى من جانبه إلى تعميق الشروخ بين الولايات المتحدة وأوروبا، مع البحث عن تخفيف للعقوبات التي عرقلت نمو الاقتصاد الروسي.

طالع أيضاً: قمة ترمب-بوتين.. نهاية حرب أوكرانيا أم جعجعة بلا طحين؟

ما دلالة شخصيات الحضور مع ترمب وبوتين؟

تعكس قائمة الحاضرين أهمية الاجتماع بالنسبة للطرفين. فسيكون برفقة ترمب كل من نائب الرئيس جيه دي فانس، وروبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت. وقد لعب فانس دوراً رئيسياً في المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا وفي صياغة موقف الإدارة.

أما بوتين، فيرافقه وزير خارجيته المخضرم سيرغي لافروف، إضافة إلى وزيري الدفاع والمالية، ما يشير إلى أن روسيا تريد بحث إمكانية زيادة التعاون الاقتصادي، وهي فكرة تروق لترمب.

من المتوقع أن يجري ترمب وبوتين محادثات منفردة قبل تناول الغداء مع وفديهما، يليها مؤتمر صحفي مشترك.

يثير ذلك احتمال تكرار المشهد الشهير في هلسنكي، حين وقف ترمب علناً إلى جانب بوتين رافضاً تقييمات الاستخبارات الأميركية التي قالت إن روسيا تدخلت في انتخابات 2016. وهو تشبيه سيسعى ترمب لتجنبه. وفي الفترة التي سبقت القمة، طمأن ترمب القادة الأوروبيين في اتصال هاتفي بأنه لن يتفاوض على حدود جديدة لأوكرانيا، وسيضغط من أجل عقد اجتماعات مباشرة بين بوتين وزيلينسكي، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات الأخيرة.

قالت جينيفر كافاناغ، الزميلة البارزة في مؤسسة “ديفنس بوريتيز” البحثية في واشنطن، والتي تشكك في جدوى استخدام القوة، لقناة “بلومبرغ” التلفزيونية: “إنه لم يتنازل عن أي جزء من أوكرانيا، ولم يضحِ بأمنها أو سيادتها. لذا أعتقد أن الاعتقاد بأنه مستعد لتقديم أوكرانيا على طبق، لا تتوافق مع ما رأيناه في الفترة الأخيرة”.

Exit mobile version